Powered By Blogger

الأربعاء، 30 يناير 2013

الدربى الالمانى المصرى

الدربى المصرى والالمانى ... وفى الصوره مصر تلعب بمرسى بعد خروج مبارك ومازلت الماكينات الالمانيه تهاجم بمركل

سر المهندس الذي رافق صوت أم كلثوم



أم كلثوم مع أبن اختها محمد الدسوقي ومحمد حسنين هيكل
كان يتبعها كظلها .. في كل مكان ذهبت اليه كان معها .. وفي كل حفلة أحيتها كان يجلس امامها في الصف الاول .. وفي كل بلد عربي ذهبت اليه كان يرافقها . وفي كل لقاء لها مع اي ضيف كان بجوارها .. وفي كل تسجيلاتها لاغانيها كان يتابعها . فقد كانت تثق فيه .. وتري فيه مثالاً للتعقل والأتزان. لقد كان من حسن حظه أولاً أنه قريب لها و لكن صلة القرابة توطدت فأصحبت صداقة .                
انه محمد الدسوقي رئيس مجلس الهيئة العامة للسينما وابن شقيقة ام كلثوم . تري لماذا اختارته ام كلثوم من بين كل الناس ليكون رفيقها في كل رحلة ذهبت اليها ؟
(( كان من حسن حظي أنني أرتبطت بأم كلثوم برباط عائلي ولكن هذا الرباط تحول بمرور الوقت إلي شيء أخر هو في نظري أعمق و أبقي . فقد أصبحت تلميذاً لأم كلثوم ثم صديقاً لها .. فأنا تلميذ في مدرستها تعلمت منها الكثير لان هذه الشخصية لم تكن مجرد مطربة كبيرة احتلت مكانا في حياتنا الفنية  خلال عشرات السنين ولكنها كانت ايضا شخصية انسانية مليئة بالعمق و الصفاء والنظرات الصائبة الي امور الحياة ولذلك تصرفاتها ومواقفها واعتزازها بفنها وحرصها علي كرامتها .. هذا الاشياء في نظري كانت تطربني كما تطربني ام كلثوم ..!
بهذا بدأ محمد الدسوقي حديثه معي
·      ولماذا أختارتك أم كلثوم  وكيف تطورت العلاقة الي ان اصبحت كما كانت عليه ؟
لقد جاءت العلاقة بيننا في البداية نتيجة تخرجي من كلية الهندسة و تخصصي في الصوت والكهرباء والاجهزة الالكترونية وقدمت طلبا لكي اعين في شركة ماركوني ولم اكن اعرف انها انضمت إلي الاذاعة ومن هنا كان السبب الحقيقي لأكون  بجانب أم كلثوم في حضور تسجيلاتها بأعتباري مهندس صوت و تطورت العلاقة بوجودي بلقد بدأت بالاشراف علي تسجيلات الصوت الي الاشتراك في قراءة الكلمات الي حضور البروفات وتسجيل اللحن وكان هذا شيئاً جميلاً بالنسبة لي فمن من محبي فن ام كلثوم لا يتمني ان يحضر ولادة عمل فني جديد لها.
ان  ام كلثوم كانت انسانة دقيقة جدا في عملها . تحرص كل الحرص علي ان تكون اجهزة الاذاعة علي مستوي جيد جدا
اما في البروفات فتظل تعمل بروفات ولا يهم عدد البروفات حتي تصل الي مستوي الكمال ولا مانع عندها من ان تذهب لعمل بروفة علي الاجهزة في المسرح ومع الموسيقيين فلا اجهزة تتعطل في حفلة ام كلثوم ولا صوت نشاز فهناك اجهزة احتياطية
اما الفستان فيكون علي مستوي جميل وراق من ناحية الذوق واللون المناسب ثم تأتي المجوهرات المناسبة اما الاضاءة فهي تحب ان تكون مضبوطة تماماً
وكانت ام كلثوم تهتم باول حفلة مع بداية الموسم هذه الحفلة توليها اهتمامها وكانت ترفض ان يصورها التلفزيون في هذه الحفلة فلم تكن تريد ان تشغل او يشغل جمهورها باضواء التلفزيون التي كانت تضايقها وقد تسمح للتلفزيون بالتسجيل في تاني لحفلة او ثالث حفلة
كنت أعلم جيدأ أن أغاني ام كلثوم تراث فني وكنت احرص دائماً علي ان ألفت نظرها لتسجيل كل حفلاتها ولتسجيل الاغنية الواحدة اكثر من مرة
وكانت قبل ذلك تقتصر علي ان تسجيل حفلات الاذاعة فقط ولكن الذي اوحي لي بذلك هو اخوننا العرب الذين كانوا يحدودون الاغنية ويحفظونها في كل حفلة والاغنية الواحدة تختلف من حفلة الي حفلة اخري
·      ومتي بدأت تسجل كل أغانيها ؟
منذ عام 1960 او قبل ذلك بقليل ولذلك سنجد في الاذاعة ثروة فنية كبيرة وستجد اربعة او خمسة تسجيلات للاغنية الواحدة ولام كلثوم في كل تسجيل لون جديد وطعم جديد
·      وقدمت فنها للشباب .!
أما بالنسبة للحن فقد كانت تجلس مع الملحن والفرقة الموسيقية أوقات طويلة جدا .. وقد يستمر اللحن حتي يخرج الي الوجود اكثر من ستة شهور .. قالوا لها يوما ألا يوجد من يكتب لك ويلحن سوي رامي والسنباطي ؟ فقالت علي الفور : انا علي استعداد ان اغني لاغر مؤلف اذا قدم لي كلاما يعجبني كما اني علي استعداد ايضا بان اقبل اي لح اذا اعجبني .. وهنا قدمت ام كلثوم فنها للشباب 

·      تنظر من وراء الستار ..!
أما بالنسبة للحفلات العادية فلم تكن ام كلثوم تجري اي بروفات .. وعندما أسالها ماذا ستغنين ؟
تقول : لا أعرف
اقول : ماذا ستفعلين
تقول : أيضا لا اعرف أنني أنظر من وراء الستارة لأتطلع إلي جمهوري .. ثم أقرر ماذا سأغني له .. لانني أعرف دون أن يقول ماذا يريده مني ..!
كانت أم كلثوم بشخصيتها الخارقة تستطيع أن تعرف ماذا يريد منها وتعرف كيف ترضي جمهورها ..!
تنظر من خلف الستارة لتعرف ماذا ستغني

·      عندما غنت لأربعة ألاف شخص بدون ميكرفون ..!
·      هل تذكر مأزق أو  أشياء غير عادية حدثت لأم كلثوم في حفلاتها في هذه البلاد ؟
    أذكر ذلك في حفلة لبنان التي أقيمت في (منطقة بسين) وكان متعد الحفلة قد باع التاكر رتين أي أن عدد الحضور كان الضعف وحدث هرج ومرج واتعطلت الحفلة ساعة بسبب زحام السيارات بالخارج ... وكانت الحفلة تضم أربعة ألاف شخص ووقفت أم كلثوم لتغني فأنقطع التيار الكهربائي ولم تهتز أم كلثوم لهذا الشيء و أنما نحت الميكرفون جانباً فما ذنب الجمهور الذي جاء ليستمع اليها انه ذنب متعهد الحفلة الذي رفضت ا كلثوم بعد ذلك التعاقد معه
·      وفي باريس ؟
كانت رحلة من رحلات المجد انتقلت فيها ام كلثوم من قمة الي قمة .. ومن مجد الي مجد حتي وصلت الي ذروة الشهرة والمجد .. أن حفلة  باريس لها قصة فعندما جاء صاحب مسرح الأولمبيا إلي القاهرة ليتعاقد معها علي الحفلة كان هذا قبل وقوع النكسة فلم تكن ام كلثوم متحمسة للحفلة ثم حدثت النكسة وجاء صاحب المسرح ليعتذر لها عن الحفلة قائلا انه يخشي عليها لانها لن تسطيع ان تغني في جو الدعاية الإسرائلية المسمومة  وهنا أصرت أم كلثوم علي أن تذهب إلي باريس لتغني قائلة :
أن هناك عقد بيني وبينك ويجب أن ننفذ العقد .. وفعلا سافرت أم كلثوم وكانت حفلة من حفلات المجد حققت الكثير من المجد السياسي لمصر 

·      حمامة سلام ..!!
و بالنسبة لمشاكل العائلة ماذا كان موقفها ؟
كنت مستشاراً لها في مشاكل العائلة  نناقشها ونصل الي احسن الحلول

·      واي نوع من المشاكل كانت ؟
مشكلة اخ تخاصم مع اخوه او اخته وكانت تقوم بدور حمامة السلام فالكل يحترم رأيها والكل يحبها فقد ميزتها انها لا تخص احد دون الاخر توزع علينا الحب والود بالتساوي
·      وبالنسبة لمشاكل ابناء بلدها ؟
كانوا يأتون اليها وكانت تحرص علي مقابلة كل فرد منهم توزع عليهم الهدايا في المناسبات وتوزع عليهم الكسوة في المواسم وكانت تخصص مرتبات شهرية للكثير منهم اما مشاكل البلد نفسها فتوليها الي العمدة الذي هو قريب لنا وكنت احيانا اتعجب لهذه المقدرة الخارقة  وافكر كثيرا فنحن كبشر قد تشغلنا مشكلة الي حد لا نستطيع ان نفكر في سوي فيها اما هي كانت تفكر في كل المشاكل وتشغلها مشاكل كبيرة لا حصر لها فكانت تخص كل مشكلة بالاهتمام والرعاية
كانت تهتم جدا بقضية مصر وكانت شغلها الشاغل وكانت يهمها جدا مشاكل الفن والفنانين وكانت تهتم بمشاكل الناس والاسرة وهي حريصة في ذلك كل الحرص الا تضايق احد
وفي نهاية حديث محمد الدسوقي يقول : في رأيي ان ام كلثوم كانت بزيارتها للبلاد العربية تودع اخواننا العرب الذين احبوهما واحبتهم و قد ودعت ام كلثوم مسرحها عندما وقفت عليه لتقول لاخرة مرة : دعاني لبيته لحد باب بيته
لقد عاشت ام كلثوم عظيمة و ماتت عظيمة  ..!!



حوار نشر في مجلة اخر ساعة في 12 مارس 1975 في اربعين أم كلثوم

عندما أعادت أم كلثوم العلاقة بين مصر وتونس


الرئيس التونسي في أستقبال أم كلثوم في المطار
من يزور العاصمة التونسية، لا بد أن يقف عند شارع أم كلثوم الموازي لشارع الحبيب بورقيبة والمتقاطع مع شارع قرطاج، والذي لا تفصله إلاّ مسافة قصيرة عن شارع جمال عبد الناصر. فهنا في تونس، تحظى أم كلثوم بحب وإعجاب عامة الشعب، ويترسّخ صوتها وابداعها في الوجدان التونسي كواحد من المكوّنات الأساسية لمعنى التفاعل الإيجابي والتلقائي مع الفن الأصيل والنبيل والجميل.

في أوائل يونية 1968 وفي إطار جولتها العربية الهادفة إلى إسناد المجهود الحربي في مصر بعد نكسة 1967، حلّت كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي بتونس بدعوة من الماجدة وسيلة بن عمّار حرم الرئيس التونسي آنذاك الحبيب بورقيبة.

كان التونسيون في تلك المرحلة يتّجهون بقلوبهم وعقولهم إلى الأمل القومي المنبعث من مصر الناصرية، فرغم الخلاف السياسي بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر، ورغم تأثيرات نكسة يونية 1967 الناتجة عن العدوان الصهيوني على الجمهورية العربية المتحدة، لم ينقطع حبل التواصل الثقافي والحضاري، ولم ترتدّ روح الإنتماء القومي ولا الإيمان بوحدة الجذور والهدف والمصير، خصوصًا وأن الأصوات المصرية وفي مقدمتها أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ كانت فاعلة في إثراء الوعي الجمعي، متوهّجة بعبقرية الإصرار على الحياة والتواصل والإنتصار لأحلام وطموحات الأمة العربية من المحيط إلى الخليج. ويحسب لأم كلثوم أنها كانت وراء تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين تونس ومصر، فهي في نظر التونسيين رئيسًا وحكومة وشعبا، كانت تمثل الزعامة الفنية والصوت الحامل لرسالة بلد وأمة وقضية، وهو ما أكدت عليه وسيلة بورقيبة عند استقبالها لكوكب الشرق بمطار تونس قرطاج الدولي.

أيــام لا تنـــسى


تستعد في المقصورة الخاصة بيها

بعد فرحة النصر والإستقلال في منتصف خمسينيات القرن الماضي، لم يحدث أن تفاعلت الجماهير التونسية مع حدث كبير مثلما تفاعلت مع زيارة أم كلثوم وهو ما يعني المكانة التي كانت تحظى بها المطربة الكبيرة لدى الشعب التونسي من خلال فنها ودورها الثقافي وتعبيرها عن خصوصيات المرحلة.

وفي يوم 31 مايو، وبعد مرور حوالي عام على النكسة أحيت أم كلثوم حفلها الأول بتونس وكأنها أرادت القول أن الإنكسار لن يهزّ إيمان الأمة بحتمية الإنتصار، وقد أراد الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة وعقيلته التأكيد على القناعة بحضورهما الحفل الذي احتضنه قصر الرياضة بالمنزه أو صالة “القبة” كما يطلق عليها.

الورود تغطي المسرح والشدو يملأ أركان الخضراء

الأطلال كانت ساحرة و فكروني قتلت الجميع

الرئيس التونسي و حرمه يستمعان إلي السحر الحلال إلي أم كلثوم
فتاة لم تتمالك نفسها من النشوة الكلثومية


 

في تلك الليلة، أحيط المسرح بمائة ألف وردة، وعلى الساعة التاسعة رُفع السّتار ليجد خمسة آلاف متفرج أنفسهم أمام كوكب الشرق وفرقتها الموسيقية بقيادة الفنان عبده صالح، وقد روى لي أحد المكلفين بمرافقة سيدة الغناء العربي أنها قامت في الكواليس بأداء الصلاة ثم تناولت كوبا من اليانسون الساخن وقرأت سورة الفاتحة قبل بدء السهرة التي أدت فيها أغنيتين هما “فكروني” كلمات عبد الوهاب محمد  والحان محمد عبد الوهاب. ثم أغنية “الأطلال” من شعر الدكتور إبراهيم ناجي وألحان الموسيقار رياض السنباطي.
الحفلة الثانية كانت رائعتي انت عمري و بعيد عنك
الست مع المعجبين بين الوصلات

وفي يوم 3 يونية 1968 وعلى ذات المسرح أحيت أم كلثوم حفلها الثاني الذي أدت فيه أغنيتي “أنت عمري” من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب و”بعيد عنك” من ألحان الفنان الكبير بليغ حمدي، ومن ينظر اليوم في رصيد الحفلات المسجلة لكوكب الشرق يكتشف أن تألقها في تونس كان استثنائيا بسبب التفاعل الجماهيري غير العادي وبسبب المناخ السّاحر الذي ميّز مدارج قصر الرياضة بالمنزه، وبسبب حالة الحب العميق التي جمعت أم كلثوم بالتونسيين حتى أنها صرحت في حوار تلفزي أجراه معها الإعلامي الكبير الراحل خالد التلاتلي أن الجمهور التونسي رائع وذوّاق ويتمتع بحاسة إستماع متفوّقة وأنها وأن كانت قد سمعت شهادات كثيرة في ذلك، فإن الحقيقة تجلت خلال زيارتها إلى تونس لتكون أبلغ من النقل والحديث.

عندما يسحر الجمهور

تراوحت أسعار تذاكر حفلتي أم كلثوم في تونس بين 20 و 50 دينارًا ووصلت إلى مائة دينار في السوق السوداء وقد بلغ الحال ببعض المسحورين بحب كوكب الشرق إلى حد بيع أغراضهم المنزلية والإقتراض من المصارف لحضور المناسبة خصوصا وأن ثمن التذكرة كان يساوي أكثر من راتب موظف مرموق في تلك الفترة التي كانت تعتمد فيها تونس تطبيق النظام الإشتراكي.

وانجذاب الجمهور التونسي وإنبهاره بأم كلثوم تجسّد في الإستقبال الشعبي الذي حظيت به منذ نزولها بالمطار وإلى حين مغادرتها البلاد وفي الحفاوة التي لقيتها في الشارع وعبر وسائل الإعلام، وعندما لاحظ الرئيس بورقيبة ذلك وجّه بتعليماته إلى مدير الإذاعة والتليفزيون آنذاك محمد مزالي لبث الحفلين مباشرة عبر أمواج الأثير وعرض التسجيل الفوري على شاشة التلفزيون المحلي.

وفي قصر الرئاسة بقرطاج استقبل الرئيس الحبيب بورقيبة السيدة أم كلثوم وعبّر لها عن ترحيبه البالغ بزيارتها إلى بلاده، وبتقديره الكبير لصوتها وفنها وتجربتها الإبداعية وبدورها في خدمة وطنها والتقريب بين الجماهير العربية، كما قام بتكريمها بوسام الجمهورية من الدرجة الأولى وبدعوتها إلى مأدبة غداء حضرتها زوجته وسيلة وعدد من أعضاء الحكومة.

السيدة أم كلثوم والرئيس التونسي و زوجته يمنحان السيدة أم كلثوم وسام الجمهورية

وفي يوم غرّة يونية 1968 قامت أم كلثوم بأداء صلاة الجمعة بجامع الزيتونة المعمور بأمامة الشيخ مصطفى محسن، ثم قامت بجولة في أسواق المدينة العتيقة حيث استقبلها الجمهور والمتسّوقون استقبالاً حافلاً، وقدّموا لها بعض الهدايا الممثلة في ألوان من الصناعات اليدوية والتقليدية المحلية.

تستعد مع السيدة ماجدة لأداء صلاة الجمعة



كما قامت أم كلثوم بزيارة الشركة التونسية للتوزيع في ضاحية رادس أين كان في استقبالها الرئيس المدير العام آنذاك الناصر بن عمر، وإلى جانبه الأستاذ الهادي السفاري مدير شركة “النغم” المختصة في طبع الإسطوانات وانتاج الأعمال الموسيقية والغنائية، وبدل الإستماع إلى الأغاني طلبت ضيفة تونس المبجلة تمكينها من الإطلاع على التلاوة المحلية للقرآن الكريم، فأسمعها الأستاذ السفاري آيات بيّنات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ علي البراق، الشيء الذي نال إعجابها ودفعها إلى القول : هذا هو الأصل في رواية قالون.

وفي حفل عشاء جرى تنظيمه على شرفها بفندق الهيلتون، قدّم الفنان التونسي الكبير محمد الجموسي وصلة موسيقية محلية غنى خلالها أغنيته “قهواجي يدور” ما جعلها تداعبه بالقول : “هي قهوتك لسّه سخنة يا محمد؟ ” كما قام باليه زينة وعزيزة للرقص الشعبي والفنان الكبير الهادي حبوبة بتقديم وصلة نالت إعجاب الضيفة الكبيرة وتميزت السهرة بألوان غنائية تونسية قدمتها المطربتان الشهيرتان علية ونعمة وكذلك بالحضور الهام من قبل أعضاء الحكومة والحزب الحاكم.

شارع يحمل إسمها

تفتتح شارعها في تونس
 في يوم 2 يونيه 1968 قامت أم كلثوم بإزاحة الستار عن اللوحة البيانية للشارع الحامل إسمها في قلب العاصمة التونسية، في حضور عدد من المسؤولين يتقدمهم حسيب بن عمار شيخ المدينة وشقيق الماجدة وسيلة.
تزور شوارع تونس مع حرم الرئيس
نجوي إبراهيم كانت أحدي مرافقي الست في الزيارة


وقد عبّرت كوكب الشرق عن سعادتها بهذه البادرة وعن شكرها الجزيل لتونس قائلة “لا غرابة في هذا… فتونس الخضراء ستبقى ذات زيارة وأسبقية في تكريم الفن والفنانية وفي إحتضان الإبداع والمبدعين”

كانت زيارة أم كلثوم إلى تونس قد وافقت الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين لعيد النصر، والذي كانت تحييه تونس في ظل العهد السابق، كل أول يونيه تبجيلا واستذكارا لليوم الذي عاد فيه الزعيم الحبيب بورقيبة من منفاه الفرنسي وهو الحدث الذي مثل الخطوة الأهم والأبرز في إتجاه الاعلان هن استقلال البلاد.

وفي برقية عاجلة لوكالة تونس إقريقيا للانباء الرسمية، صدرت يوم الخميس 30 ماي جاء ما يلي “ليس حب الجمهور الكبير في تونس لفن أم كلثوم وليد اليوم، حيث أننا وأن كنّا نشاهد اليوم معظم التونسيين من فنانين وأدباء ورجال فكر وجماهير شعبية، يتابع بلهفة دائمة أغانيها الجديدة فإن هذا لا يمتع من أن فن أم كلثوم القديم من أغان وأدوار ومواويل كان ولا يزال له محبون الشغوفون بسماعه في بلادنا، ذلك أن كل ما تغنت به هذه المطربة العبقرية خلال هذه الحقبة الطويلة من الزمن هو من خيرة ماجاءت به قرائح أساتذة الفن العربي في المشرق، وأضافت الوكالة في أول برقية لها ذات مضمون فني “وسوف لن يكون هذا اللقاء بين أم كلثوم والشعب التونسي أول لقاء مهن نوعه، حيث لها إن إلتقت به من خلال قائده الحبيب بورقيبة زيارته لمصر سنة 1965.

ومساء الخميس 30 مايو 1968 صرحت أم كلثوم أمام كاميرا التليفزيون التونسي التي استقبلتها في قاعة التشريفات بمطار تونس قرطاج الدولي، فقالت ” شعوري وأنا أزور تونس هو شعور المحب وجد حبيبه بعد طول غياب… لقد غمرتموني بالحب وبالزهور، فأنا لا أجد فرقا بين وطني مصر، ووطني تونس الخضراء، سعيدة أنا بكل هذه الأجواء، سعيدة باللقاء الشعبي العظيم وسأسعد أكثر عندما سأقف مغنية للجماهير التونسية” وأضافت “فرحتي لا تعبر عنها كلمات لا تحددها الألفاظ، أنني سعيدة بهذه الزيارة التي ستكون زيارة حب وامل”.

وعما إذا كانت تنوي الغناء من شعر أبي القاسم الشابي شاعر الحرية والحياة في تونس قالت كوكب الشرق ” يسعدني جدا… يسعدني كثيرا… يسعدني بحق ان أغني للشاعر الخالد أبي القاسم الشابي”.

وفي قصر الجمهورية بقرطاج، قامت الماجدة وسيلة بورقيبة باسم الرئيس الحبيب بورقيبة بتوسيم رائدة الفن العربي بالصنف الأكبر من وسام الجمهورية، ثم صرحت أم كلثوم قائلة “يعجز لساني فعلا عن التعبير عما يخالج نفسي من ابتهاج شديد وأنني أرجو من الله تعالى أن يطيل عمر القائد المضفر الحبيب بورقيبة والسيدة حرمه”.

وبمناسبة المولد النبوي الشريف حضرت أم كلثوم  دينيا بجامع الزيتونة المعمور، وفي 7 يونيه 1968 أقام الاتحاد الوطني النسائي التونسي مأدبة غداء على شرف ضيفة البلاد المبجلة بدار حسين بالعاصمة، قدمت خلاله الفرق الموسيقية للاذاعة التونسية وصلات غنائية كما ألقيت بعض القصائد الترحيبية بسيدة الغناء العربي.

تدعو لمصر ان يعجل بنصرها

أما آخر اللقاءات الرسمية مع أم كلثوم فقد نظمها الأستاذ الشادلي القليبي كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار، يوم 08 يونيو   بقرطاج، وقد حضرت الحفل وسيلة بورقيبة وعدد من كبار الشخصيات و رجال الثقافة والاعلام ونجوم المجتمع.

وقد تخللت المأدبة لوحات من الشعر والفنون الشعبية والموسيقى التونسية أدتها بعض الفرق لتحية مطرب العرب الأول، وقد اشترك في السهرة الشاعران أحمد اللغماني ونور الدين صمود بأربع قصائد، وتجاوبت أم كلثوم مع بعض القصائد المختارة التي ألقيت على مسمعها وخاصة “صلوات في هيكل الحب” لأبي القاسم الشابي و”عرائس الموج”  لمصطفي خريف. وفي خاتمة السهرة الرسام محمود السهيلي احدى لوحاته للظيفة الكبيرة.

وكانت كوكب الشرق قد ادت زيارة إلى مدينة نابل، اطلعت خلالها على الصناعات التقدليدية المحلية وعلى زي العروس ومميزاته.

يبقى أن نشيرإلى أن الزيارة التاريخية التي أدتها أم كلثوم إلى تونس كانت بمجهود الدولة ورعاية الرئيس بورقيبة وزوجته، بعد أن فشل بعض متعّهدي الحفلات في على القيام بالمبادرة، نظرا لظروف الخلاف السياسي الذي كان سائدًا بين الجمهورية التونسية وجمهورية مصر العربية في تلك الفترة. وقد كان للماجدة وسيلة بورقيبة دور كبير في تحقيق حلم التونسيين بملاقاة أم كلثوم حتى أن الزيارة إتخذت طابعًا رسميا لا يحظى به في العادة غير الملوك والرؤساء.

إذ تم إعداد برنامج الزيارة بمشاركة عدد من الوزارات ذات الصلة مثل الخارجية والإعلام والثقافة وأصرّ الرئيس بورقيبة على توفير كل مستلزمات النجاح للحضور “الكلثومي” في تونس، الأمر الذي كان له بعد أسابيع قليلة بالغ التأثير في تطبيع العلاقات الثنائية بين الحكومتين التونسية والمصرية.

وإلى اليوم مازال شارع أم كلثوم يتوسط العاصمة تونس بالتوازي مع شارع الحبيب بورقيبة، ومازالت الإذاعة التونسية تخصص سهرة كل خميس لصوت كوكب الشرق، ومازالت تسجيلات “الأطلال” و”فكروني” و”أنت عمري” في تونس تحقق أعلى الإيرادات، ومازال كبار السن يتذكرون تلك الأيام الرائعة التي أضاءت فيه “كوكب الشرق” سماء وآفاق البلاد وقلوب وعيون أهلها.







الزيارة في الصحف :- 


ومازالت أم كلثوم عنوان أصالة وعظمة وعبقرية النغم الشرقي الأصيل.
منقوب بتصرف من منتدى سماعى للطرب العربى الاصيل 
 

الثلاثاء، 29 يناير 2013

38عاماً بدون "أم كلثوم"


38عاماً من دون حب، وهجر، وقمر، وليل، ونجوم، وسهاد، وظلم، وحنين،
وفرح، ودموع، ورقة، وعذاب ··
38 سنة من دون "خميس" يعيش العرب حفلته الشهرية، ليطوف الصوت الرائع على كل البيوت، منادياً الأحلام من رقادها، متحرشاً بالعواطف والأحاسيس، مداعباً رموشاً غفت على وعد لقاء الحبيب، ومآق جف حنينها إلى ماضٍ تتذكره بلوعة ·


من دون "الست" لا مكان أو زمان، بل فضاء ضاج، صداه قاتل، لأن الراحلة كانت ترسم في كل أغنية خارطة حتى يتسلل الحب عبرها إلى قلوب مرهفة، وأخرى قدت من صوان، فإذا الجميع في الأسر سواء، تغني لوعتهم، تشدد عشقهم، تترنم بغيرتهم، تهمس غدرهم، تحدد مواعيدهم، وهي في وقفتها على خشبة المسرح آسرة، تفترس اللحظة لتولد ترددات الغرام، فتشرق النظرات، وتلهو الملامح، وتمرح الكلمات على رضاب، حلاوتها بوح، وشذاها اعتراف ·

بعد 38 سنة على رحيل كوكب الشرق اكتشفنا أننا ضائعون في نفق مظلم، قادنا إليه جحيم الأيام، غارقون في اللاحب، لأنهم نثروا الملح على سهوب عواطفنا، واقتلعوا التناغم من صدورنا، فأعادونا إلى عبودية المراحل، التي حررتنا منها أم كلثوم، لتتهم بأنها مخدر العرب، إلا أن قوميتها ردت، وصدت، وأعلنت أن الفن صنو الثورة، ودعم الرجال ·

فالست لم تترك العروبة جريحة بعد 1967، ولا خذلت مصرها وناصرها في زحمة الأوجاع، لأنها انطلقت إلى العالم تبثه روح انتصارنا بالرغم من النكسة، ولا تراجعت عن فلسطينها، فإذا بصوتها الهادر يعلن الحق ارادة لا تركع وسلاح لا يخذل ودماء تفور بالقومية، والكون يصغي إلى أم كلثوم صوتاً تحول إلى جسر تعبر عليه الأمم نحو مصر لتسمع قصة النيل الثائر والبطل جمال عبد الناصر، الذي ما ان انتهى جسداً، حتى انتهت معه عاشقة الأصالة و23 يوليو 1952 ·

لم يكن الإنفتاح زمن كوكب الشرق، ولا تجار السياسة ولقمة الفقراء وشرف الأرض، والتنازل عن اللاءات، ولا أنصار التطبيع مع العدو الصهيوني وتقديم الوطن العربي ذبيحة لقوى العدوان، فهي قاومت وهم تنازلوا، وكان لا بد من حدوث الصدام بين مجموعة السادات وصاحبة "طوف وشوف"، فإذا بالوهج ينزوي، ويمرض، ويموت، ليكون له استفتاء ولا أروع على امتداد الأرض العربية .

38 عاماً والحب يتيم بعد العمالقة، لم يعد له القصبجي، ورامي والسنباطي، وعبد الوهاب والشناوي، فالزمن تغير، والغناء تحول، والكلمات دخلت مجال التجارة، أما الألحان فقد رزحت تحت وطأة الغريب والتغريب·· لم تعد لـ "التخت" مهابته، والكل في انسجام يغطي الأجواء بعذب الشدو وروعة العزف وسمو السلطنة، والصالة تتماوج آهات وأنيناً وحنيناً·
فقد غنت الأجساد والتقاطيع والملامح، وترك الصوت على قارعة النسيان، يندب ما كان، معلناً زوال عهد الطرب، لمصلحة ايقاعات فقدت صوابها، فارتفعت في الأجواء صخباً وضجيجاً، في تظاهرة فوضى، حطمت الثوابت والأصول والقواعد، وقضت على فرص التطوير، وهدمت كل رجاء بغد غنائي أفضل ·

بعد أم كلثوم دخلت الأغنية في نفق مظلم على مراحل، فلا الأصوات القادرة ثبتت في مواقعها، لعدة أسباب خارجة عن ارادتها، ونابعة من الهجمة التي تعرضت لها من قبل المتلاعبين بالأصالة، الرافضين لأي قيمة فنية خوفاً من تأثيرها على الأغنية - السلعة، التي حملوها كل مكاسبهم وأحلامهم· ولا الكبار استمروا على الساحة، بعد أن أصابهم الملل أو العجز، أو تعرضوا للمحاربة والتجاهل والاستهتار، أو اقتربت منهم النهاية ·
ولا الرقابة فرضت وجودها لتقاوم ذلك الإنجراف الفني الرهيب، الذي جمع حوله ثلة من نجوم السرعة واللحظة والأغنية الواحدة والاحتكارات الانتاجية والوساطات، الذين حولوا الأغنية إلى أرصدة مصرفية، بعد أن شوهوا أذواق الشباب، وزرعوا السم في آذان الجمهور، فإذا به يعتاد على ما ليس كلثومياً، فيطلق الروعة ليرتبط بالممسوخ ·

انه زمن عجيب بعد الست، لم يعد أحد يهتم بالوطن، ولا بالقومية العربية، رافعاً من شأن الشعب، داعياً الأعداء إلى النزال، لأن السلاح هو رمز للحياة والبناء والارتقاء، والقتال بوصلة للوصول إلى النصر، فالكل دوامة "العصر" في عبث وطني، ولهو قومي، وتجاهل للأرض وهي تغتصب، وللأجواء في احتراقها، لأن الغناء الملتزم بكل بساطة .. غير مربح ·

38 سنة ليست بالفترة الطويلة، لكن الخراب فيها كان هائلاً، مرعباً ··
سقطت الأغنية، مثخنة بجروح العابثين، ومع ذلك فان الصوت لا زال يأتي عن بعد، وحيداً، يغني رقة الحبيب، والحب المتجدد، والرباعيات ··

بعد تلك الأعوام لا تزال كوكب الشرق تقاتل لوحدها ·

بفندق ام كلثوم


يعشقون غرفة «إنت عمري»، ويهجرون غرفة «يا ظالمني»



القاهرة: عبد المنعم زين العابدين

لو نطقت الأرض بالعربي كما قال الشاعر الراحل فؤاد حداد، لأكدت أن الأرض في تلك المنطقة المطلة على نيل الزمالك من شارع أبو الفدا، كلثومية المذهب والهوى، ولو كانت «كوكب الشرق» أم كلثوم، علمت بأن فيلتها التي اختارت موقعها بعناية وصممتها بدقة، سيتم هدمها بعد وفاتها وتصبح برجاً سكنياً يحمل في طوابقه الأولى فندقا يحمل اسمها، لأوصت بالإبقاء على منزلها على حاله. فهنا وفي تلك الزاوية سارت الست، وهنا جلست ترشف كوب الشاي في حديقة الفيلا، بينما شهدت شرفتها لقاء مع شاعر أو كاتب أو موسيقي. لكن طبقا لقاعدة دوام الحال من المحال، نبقى أمام الأمر الواقع، وأمام فندق أم كلثوم تجدك في حالة من الحنين والشوق لتلك المرحلة التي ملأتها «الست» أصالة وفنا وطربا، يمنحك الفندق الكثير منها. فما بين صدى أغنياتها التي تتردد في أرجاء الفندق في تناغم رائع، وما بين صورها وهي تملأ ممراته وغرفه التي يحمل كل منها اسم عمل لها، تعيش في حالة كلثومية لن تنساها بالإقامة في فندق أم كلثوم.
عماد محرز، مدير فندق أم كلثوم، اصطحبنا في رحلة مع تفاصيل أكثر عن الفندق الذي أقيم مكان فيلا أم كلثوم، التي أقيمت في الماضي على مساحة 1500 متر، وتم هدمها وبناء برج وفندق أم كلثوم عام 2000، وأضاف: «الفندق يضم 150 غرفة وجناحا، يحمل كل منها اسم أغنية من أغاني «كوكب الشرق»، التي يزيد عددها على 700 أغنية، ولأن أغلب رواد الفندق من الخليجيين، فهم يعرفون جيداً من هي «كوكب الشرق»، ويحفظون أغانيها عن ظهر قلب، فيأتي الضيف ويطلب حجز غرفة «سيرة الحب» على سبيل المثال، لأنه يحبها أو لارتباطها لديه بذكرى محببة لنفسه، وأحياناً تكون الغرفة التي طلبها محجوزة، فيغضب وعندما أجد له غرفة جيدة جداً من حيث المواصفات والامتيازات قد يرفضها لمجرد أن اسمها «سهران لوحدي» أو «حياتي عذاب» أو «يا ظالمني». وقد أجرينا إحصاء لمعرفة أكثر الغرف التي تشهد إقبالا على الإقامة بها، فوجدنا أنها وبالترتيب: «إنت عمري» وتليها «هذه ليلتي» و«افرح يا قلبي» و«الأطلال»، حتى أن تلك الغرف قد تظل محجوزة لمدة عام مقبل. أما أكثر الغرف التي تعاني من هجران النزلاء لها فهي «يا ظالمني»، حتى أن إدارة الفندق فكرت في تسمية أكثر من غرفة بأسماء الأغنيات المحببة للنزلاء كأن نجعل على سبيل المثال خمسة غرف تحمل اسم «إنت عمري»، لكننا تراجعنا لتنافي ذلك مع بروتوكول وأصول عمل الفندق، حيث يشعر النزيل بتفرده بالنزول في الغرفة التي يحبها». في كل الأحوال يبقى فندق أم كلثوم عائليا بالدرجة الأولى، لذلك لا يوجد به بار أو خمور أو صالة للديسكو، حيث فضلت إدارة الفندق أن تظل روح الأصالة والعراقة التي جسدتها «كوكب الشرق» في أغانيها وحياتها، باقية في هذا المبنى وسط الصخب الذي بات يعيشه العالم. كما تتميز جميع الغرف والأجنحة باتساعها وتوفر جميع الخدمات بها، ميزة لن تنساها في فندق أم كلثوم. وبخاصة مع التنسيق الذي تحظى به ممتلكاتها التي تركها ورثتها لبناء الفندق، من صور وبعض المقاعد، كما يضم الفندق جناحا خاصا بمقتنيات «كوكب الشرق» يشمل أثاث منزلها والفونوغراف الخاص بها، بالإضافة لبعض اللوحات والصور النادرة جداً لها حتى أن كثيرا من زوار الفندق يفضلون الجلوس في هذا الجناح. أما أهم ما يميز فندق أم كلثوم، فهو أنه في أي وقت يشدك فيه الحنين لسماع صوتها شادياً بأغنية محددة، فما عليك إلا أن تطلب من إدارة الفندق سماع تلك الأغنية. كما يمكنك أن تطلب من إدارة الفندق إذاعة أغاني «كوكب الشرق» المحببة لك، فتتوالى إذاعتها على السماعات الخاصة بغرفتك المطلة على نيل القاهرة، فتبحر في رحلة مع ذكرياتك، ونغمات أم كلثوم.
سعر الغرفة شاملة الإفطار يبلغ 140 دولاراً، بينما يصل سعر الجناح 250 دولارا. ويضم الفندق أكثر من قاعة تصلح للاجتماعات أو المؤتمرات أو حفلات الزفاف وأعياد الميلاد، وبخاصة قاعة صاحبة العصمة المطلة على النيل التي تسع أكثر من ستمائة شخص، والمميزة بديكورها الشرقي الراقي، أما مطعم أنغام، فهو أحد مطاعم الفندق ويتميز بوجباته المصرية والشرقية، بينما يقدم مطعم سيلنتور بديكوره وموسيقاه الحديثة، أشهر الأطباق الغربية. أما كوفي شوب أوتار، فيتميز بملامحه العربية الخالصة من حيث المشروبات وتصميم الديكورات المبهرة ووصلات الموسيقي التي يقدمها.

أم كلثوم ليست مصرية

في جريدة القبس الكويتيه العدد (12977 ) الصادر بتاريخ 14 - 7 - 2009 كتب الاستاذ فيصل خاجة مقالا تحت عنوان ( ام كلثوم ليست مصرية ! ) بمناسبة اقامة معرض " ام كلثوم الهرم الرابع " في " مول360 " بدولة الكويت ذكر فيه ما يلي :-


أم كلثوم ليست مصرية!
كتب فيصل خاجه :

قصة عشقي لأم كلثوم لا علاقة لها بالبعد الرابع (الزمن)، فهو وحده الذي وقف حائلا بيني وبين حلمي بالتواجد في الصفوف الأمامية لحفلاتها، عشقي لها لا علاقة له بتلك الهالة الإعلامية التي أحاطت بها (ولا تزال) على مدى عقود من الزمان، وإلا لرأيتني من جمهور نانسي وروبي وهيفا وبقية شواهد عصر الانحطاط العربي، ولكل منهن حضور إعلامي مكثف ممل ومزعج يداهمك بالاكراه من كل حدب وصوب.
ما تشدو به أم كلثوم هو حديث الروح لا لهو الحديث كما يزعمون، تدركه القلوب بلا عناء، عند سماعك لأم كلثوم أنت أمام وجبة دسمة تمتزج بها المتعة بالأدب بالخيال بارتقاء الذوق والتحليق به عالياً بجناحي النغم والنظم إلى سماوات عشق كل جميل.
ولعل من اختار لقب كوكب الشرق لأم كلثوم كان قوي الملاحظة والاستنتاج والذكاء، فهو سماها كوكباً عوضا عن النجمة، فالفرق ما بينهما هو ان النجمة مضيئة بذاتها، والكوكب يضيء بانعكاس أضواء النجوم عليه كما هي الحال عليه في القمر، فكانت أم كلثوم مضيئة ومتألقة في سماء الشرق، ولكن نجاحها كان مستمدا أيضاً من مجموعة النجوم الرائعة الشديدة التألق والتأنق والتوهج والابداع على صعيدي الكلمة واللحن، فما بين شوقي ورامي وبيرم وناجي وغيرهم لا يمكن إلا ان تسمع لغة بالغة البلاغة والجمال والخيال، وما بين السنباطي والقصبجي وزكريا وعبدالوهاب وغيرهم لا يمكن الا ان تسمع نغماً آسراً ساحراً يتقن التصوير والتعبير.
أعمال أم كلثوم لا تقيدها الجغرافيا، لذا فهي ليست مصرية وليست حكراً على المصريين الأعزاء، بل هي هدية السماء لكل ناطق بالعربية. كما لا يقيدها التاريخ، فصدى صوتها العذب سيستمر في رنينه إلى أجل غير مسمى.
«اذا أردت ان تتكلثم فتسنبط»، مقولة شهيرة نقلها لي الاستاذ العزيز المحامي صلاح الهاشم في احدى الأمسيات، للتدليل على أن أروع ما شدت به أم كلثوم كان بألحان رياض السنباطي، وأجد نفسي منحازاً بكل جوارحي إلى تلك المقولة، فالمستمع المتتبع لأعمال رياض السنباطي يخيل إليه أن ريشته التي يعزف بها ليست ريشة عود، بل ريشة رسام تتقن فن مزج ألوان الألحان، عليك بسماع شمس الأصيل، فإن لم ترق لك فعليك بقصة الأمس، فإن لم ترق لك فعليك بالاطلال، فإن لم ترق لك فلا تسمع شيئا لأم كلثوم، فهي ليست لك وأنت لست لها!

قصيدة ( سلو كؤوس الطِلا ) لأمير الشعراء


دراسة أعجبتني من أحد المنتديات العربية فأحببت مشاركتكم بها
""كثيراً مايرتبط شعر شوقي الغزلي بالليل، ظلاماً ودجىً، ومنه يصعد التغريد.
بهذه الوسيلة الفنيّة يجعل شوقي لحاسة السمع أهمية اكبر من حاسة البصر ليحقق جوّاً للسماع أفضل.
يتمكن الشاعر بوسيلة الليل كذلك ربط الاصوات والاصداء باصوات وأصداء غيبيَّة مجهولة، فتأخذ بعداً غامضاً.
أحمد شوقي مولع بسكونية الحركة، ورأينا كيف يسكّن حركة الطير بحصارها بالظلام. من السهولة إذن أن يجعل مغنيه او مغنيته بديلاً عن الطير.
بكلمات أخرى يجعله طيراً أو أشبه شئ به.

قال شوقي في رثاء سيد درويش:
يملأ الأسحار تغريداً إذا ***** صرفَ الطيرَ إلى الأيكِ العشاءْ
ربما استلهم ظلماء الدجى **** وأتى الكوكب فاستوحى الضياءْ
ورمى أُذنيه في ناحيةٍ ******* يخلس الاصوات خلس الببغاءْ
فتلقّى فيهما ما راعه ********من خفيِّ الهمس أو جهر النداءْ
على الرغم مما تعتري الأبيات أعلاه من تأليف غير محكم، وعبارة غير متواشجة إلاّ أنّ ما يعنينا هو ارتباط الاستلهام بالظلام، والإصغاء لأصوات مجهولة.
القصيدة أعلاه رثائية، إلاّ أن صوراً شبيهة بتلك ظهرت في قصيدة " سلوا كؤوس الطلا " التي " نظمت خصيصاً لأُمّ كلثوم".
يقول محمد صبري في كتابه " الشوقيات المجهولة ـ الجزء الثاني ـ" في مقدمته لهذه القصيدة ( ص302 ) :" كان شوقي يقدِّر أمّ كلثوم لأنها أديبة تفهم ما تغنّي، وهي تحفظ القرآن، ولا تشرب الخمر. وفي غزل شوقي تلميح إلى ذلك".
ويقول عبدالمنعم شميس في كتابه " شخصيات في حياة شوقي"...:" وعَشِق أمّ كلثوم وكتب لها قصيدة التحدي التي غنتها بعد وفاته بسنوات ، وهي التي يقول في مطلعها:
سلوا كؤوسَ الطلا هل لامستْ فاها *** واستخبروا الراحَ هل مسّتْ ثناياها
وكان يريد منها أن تشرب معه كأساً فأبت وغضب وغضبت ، ثم انتهت القصة حتى مات".
نلاحظ هنا اختلاف الروايتين.
في الاولى يقدر شوقي أمَّ كلثوم لانها لا تشرب الخمر وفي الثانية يغضب لانها لا تشرب معه الخمر!.
يبدأ شوقي قصيدته الفارهة الايقاع، والرحيبة القافية:
سلوا كؤوسَ الطلا هل لامستْ فاها *** واستخبروا الراحَ هل مسّتْ ثناياها
لماذا أبتدأ الشاعر بـ " سلوا " بالجمع؟ لا بدَّ أنه ذُهل وانبهت واستغلق عليه سّرها، فاستنجد.
أو هل كان يدفع عنه لومة لائم، فعزا جنونه بها إلى ما أصابه من ثمل؟ كانت تغني، فلماذا قال كؤوس الطلا؟ ربما لأن حاستين هما حاسة الذوق وحاسة السمع انصهرتا في حاسة واحدة، وكأنَّ لصوتها فعل الخمر.
لتكثيف الحيرة اكثر، قال الشاعر:" كؤوس الطلا" أي انواعاً مختلفة من الخمور.
للجمع في هذه القصيدة : مثل: سلوا واستخبروا، وكذلك كؤوس وثنايها أهميّتان فنيّتان.
الأولى أن الشاعر جعل المشهد وكأنّه كورس أو مهرجان.
الثانية أن الشاعر حين يتكلم فيما بعد بصيغة المفرد ستكون له ميزة آستثنائية.
كلمتا : لامست ومسّتْ تنمّان عن عفة شرب الخمر.
إلاّ أنهما من ناحية شعرية مختلفتان. فالألف في لامست تدلّ على ارتفاع وهو ما يتناسب مع رفع الكأس إلى الفم، بينما مسّت تدلّ على انتشار تخديري ، " واستخبروا الراح هل مسَّت ثناياها" ، حركة الجسد هي الاخرى تتأود وكأنْ من فعل الثمل.
توحي حركة الثنايا على تموّج، يوحي هو بدوره، بليونة غصن.
استعمل شوقي حاسة اللمس " لامس ومسَّ" بنعومة ريش ، وهو بداية الخدر.
ثم ألا توحي " فاها " بأنفاس عطرة فائحة و " ثناياها" بهفيف أغصان طرية؟
يبدو أنّ شوقي هنا جعل فتاته شجرة، ليناً وغضارة وعطراً وتأوّدا. القافية التي اختارها الشاعر وهي : "آها" تؤدي ثلاثة أغراض في آن واحد :النسائم المهفهفة في الاغصان، وما أرقّّ، وتأوّهات الشاعر وما أحرّ، وأنفاسها، وما أعطرَ وأطيب.
من ناحية أخرى، ربما يذكّر تكرّر السينات في البيت، ببيت المتنبي:
ياساقييَّ أخَمرٌ في كؤوسكما *** أم في كؤوسكما همٌّ وتسهيدُ
حينما طال انتظار شوقي ولم يسمع جواباً، راح يعزّي نفسه باستذكار ما حدث:
باتت على الروض تسقيني بصافيةٍ *** لا للسلاف ولا للورد ريّاها
ما ضرَّ لو جعلت كأسي مراشفها ***ولو سقتني بصافٍ من حميّاها
رغم ان راوية القصيدة اكثر صحواً في البيت الثاني إلاّ أنه حائر بما سقته من خمرٍ لا ينتمي إلى الخمر بمفعوله ولا إلى الورد برائحته.
هكذا ينتقل الشاعر من حاسّة اللمس في البيت إلى حاستي الذوق والشمّ في البيت الثاني.
أي أن الصورة الشعرية أصبحت أكثر كثافة، ولا تتكثف الحواس إلاّ إذا إقترب الشاعر من نفسه أكثر فأكثر. فحينما نصل إلى قوله: " ماضرّ لو جعلت..." ندرك أن الشاعر لايتحدث إلاّ إلى نفسه معزولاً عن كل بشر وشريعة وعرف، لذا يحل له أن تكون مراشفها كأسه.
قدّم الشاعر الكأس على المراشف:
"ما ضرَّ لو جعلت كأسي مراشفها"
أي انه لم يقل " لو جعلت مراشفها كأسي" إن هذا التأخير للمراشف ينمُّ عن تردد الشاعر وربما خجله من الافصاح عما يجول في ذهنه.
أمّا الشطر الثاني : " ولو سقتني" وكأنَّ رغباته بدأت تنهمر وتتداعى.
في البيت الرابع:
هيفاء كالبان يلتفُّ النسيم بها *** وينثني فيه تحت الوشي عطفاها
يعود الشاعر إلى "ثناياها" في البيت الأوّل فيصفها بالهيفاء، أي الدقيقة الخصر، الضامرة البطن.
وبدقّة الخصر، وضمور البطن يكون الثوب أكثر تموّجاً مع كل حركة أوهبة نسيم.
توحي كلمة : يلتفّ هنا إلى التصاق الثوب بمفاتن الجسد عند التأوّد والحركة.
إنها مثلما ينثني الغصن تنثني تحت الثياب المنقوشة.
ألا تدلّ صيغة المفرد هنا : هيفاء،و كالبان، والنسيم، على أنّ الشاعر شرع يقترب منها بأنانية.
اقترب منها أكثر حينما قال: تحت الوشي.
واقترب أكثر حينما قال : عطفاها، وهي كلمة حسية، ازدادت حسّيتها بتثنيتها : عطفاها.
على هذا حينما ينتقل الشاعر بعد ذلك مباشرة من عالمٍ حسّي إلى عالم روحاني يكون قد نشل نفسه إلى قمّة فنّية سامقة.
في البيت الخامس:
حديثها السحر إلا ّأنه نغمٌ *** جرتْ على فم داودٍ فغنّاها
قد نجد صعوبة في ايجاد علاقة ظاهرية بين هذا البيت، والبيت الذي سبقه ، ولكن عند التمعّن ندرك تداعيات العقل الباطن ، فمن ناحية أصبح حفيف الاغصان سحراً في فمها، وجلب السحر قدسية ما، مثل قدسية مزمار داود. بهذا تكتمل صورة الثمل الروحي.
في البيت كما نوّهنا، رنّة دينَّية صافية، فمن ناحية قد يشير تعبير:
" حديثها السحر" الى قول ( إن من البيان لسحرا) كما يشير فم داود الى مزماره.
ومن هنا يكون الانتقال من فم داود الى " حمامة الايك" انتقالاً منطقياً، ولاسيّما ان الانسان والشجر والطير تتداخل فيما بينها تداخل أغصان اشجار متجاورة:
حمامةُ الايكِ مَنْ بالشجو طارحها *** ومَنْ وراء الدجى بالشوق ناجاها
يكشف لنا شوقي في هذا البيت خصلتين: ارتباط غناء الحمام بالليل، وثمة صوت موحٍ قادم من عمق ينده الذكريات.
التفتت حمامة الايك، أصغت ولكن عينيها لم تتبينا مصدر الصوت، لأن حاسة البصر معطّلة بفعل الليل.
يتراوح غناؤها بين البكاء والهتاف وهما أقصى مأساة إذا اجتمعا ولاسيما في الليل.
وكنوع من المواساة لحمامة الايك يختتم شوقي قصيدته:
ياجارةَ الأيك أيّامُ الهوى ذهبتْ *** كالحلم آهاً لأيّام الهوى آها
حقق شوقي في هذا البيت عدة أغراض فنيَّة ، ففي " ياجارة الايك" أصبحت الحمامة أو ما ترمز إليه بعيدة من حيث سكنها، لا سيّما وهو يسمعها ولا يراها.
فإذا صحَّ هذا الافتراض يكون حرف النداء " يا " مؤكداً لذلك ، بالاضافة فإن الذكريات التي كانت في يوم ما واقعية معاشة أصبحت كالحلم ، وحين يقول الشاعر " آهاً لأيام الهوى آها" يكون قد انتقلت اليه عدوى الغناء، فأصبح هو المغنّي الملذوع.
هكذا تصبح القصيدة جوقة من الأصوات : ناي داود وحنجرة شاعر، وحفيف نسيم في غصون وحفيفه في ثياب فتاة، وهديل حمامة. ربما هذا ما يُعنى بالهارمونية في العمل الفني.
يبدو أنّ مأساة أحمد شوقي اكبر من مأساة الشاعر الإنكليزي جون ملتون، في فردوسه المفقود.
مأساة ملتون سماوية ، أمّا شوقي فكان يعاني من انفراط الأيام، انفراط الزمن، من بين يديه، فهو في قلق دنيوي دائم، والأنكى لا مفرّ منه.

«أطلال» السنباطي: الثراء المنهك والكيمياء المفقودة


«أطلال» السنباطي: الثراء المنهك والكيمياء المفقودة


الوقت - أحمد العبيدلي: ... أعرف أنها أصعب ما غنّت أم كلثوم، وأعرف أيضاً أنها ظلت تتصدر ليس مبيعات أغانيها فقط وإنما الأغاني العربية ككل ولفترات طويلة. وظلت لسنوات عديدة تحتل المركز الأول لتلك المبيعات بعد وفاة مؤديتها العام 1975 لتلحق بمؤلفها إبراهيم ناجي (1953) وليلحق بهم آخر الثلاثة ملحنها رياض السنباطي (1981). وكان حين لحنها قد اختلف وأم كلثوم حسب ما يروي سحاب علي كيف يقفل في نهاية الأغنية هل كما ورد إلينا وسمعناه أم بنبرة أخرى. وحين احتدم الخلاف، سحب السنباطي اللحن، وأقفل عليه درج مكتبه. حينها لم يكن قد مضى على انتهاء الخلاف المديد والطويل مع شيخ الملحنين زكريا أحمد (1896-1961) غير خمس سنوات وهي قطيعة أثّرت على أم كلثوم، وتركت في نفسها ندوباً ومخاوف. وبأية حال حينها كان زكريا قد توفي، ومحمد القصبجي (1892-1966) اعتزل التلحين فلم يعد بين يديها من الملحنين ممن يقترب من مزاجها الفني ورؤيتها الفكرية لأدائها الغنائي إلا السنباطي، فلم ترد للخلاف أن يستمر، وأن يؤدي إلى قطيعة. وحين فُتِح الدرج بعد سنتين، وأعيد الجدال حول الأغنية اقترح السنباطي حلاً وسطاً بأن يكون الجمهور هو الحكم، فتقوم أم كلثوم بغناء خاتمة هذا العمل العظيم بنَفَس السنباطي، فإن لاقى الأمر قبولاً من ‘’سُمّيعتها’’ استمرت عليه، وإلا ركن السنباطي لرأي المؤدية. فكان للأداء الأول، ولاستجابة الجمهور المنبهر، الرأي الحاسم لترجيح رأي الموسيقار، وتركت المطربة للنجاح الجماهيري أن يحقق السطوة على روحها الإبداعية. حين أدتها أم كلثوم، قالت عنها إنها أرهقتها كما لم ترهقها أغنية في حياتها. وبدوري أرهقتني استماعاً، ولاتزال، كما لم ترهقني أي من بدائع الست، وشوامخ السنباطي. بيني وبينها كيمياء مفقودة، ولربما تكاد تكون الأغنية الوحيدة الكلثومية التي تتعبني حين أسمعها مكتملة. وهي على غير عادة القصائد السنباطيات: لا تأخذني من مقطع إلى مقطع وإنما تنتصب مقاطعها مستقلة، كل مقطع متطلب بنفسه، شديد الإبهار بحد ذاته. وأتوقع أنها قد أرهقت ملحنها، حيث إنها تختلف في مبناها عن بقية قممه من القصائد. لربما عاد الأمر إلى أن السنباطي الذي لم يشعر أبداً أنه في تنافس حقيقي على مكانته في بلاط أم كلثوم مع محمد عبدالوهاب (1902-1991) لعقود عديدة، وجد نفسه وعلى حين غرة مضطراً للتعامل مع العامل الوهابي بعد الاتفاق على أن يلحن عبدالوهاب ‘’أنت عمري’’، والتي برزت في 6 فبراير .1964 ظل عبدالوهاب بعيداً عن أن يلج الدار الكلثومية التي بناها السنباطي بنفسه في الأساس، فتوازى الملحنان في نشاطهما الإبداعي: تلقى إبداعات السنباطي طريقها للجمهور أساساً عبر أم كلثوم، ويواصل عبدالوهاب النشاط في ساحة مفتوحة: تشتمل على أدائه وأداء أي من المطربين فيما عدا سيدة الطرب، أم كلثوم. واستمر الحال حتى أعطت أم كلثوم مساحة من صوتها لعبدالوهاب، فوجد السنباطي الهادئ، الرزين، الوقور نفسه مضطراً أن يدافع عن مملكة شادها وأم كلثوم في نمط الحفلات لما ينوف على الثلاثة عقود. اضطر السنباطي الذي كان يبرع في العود، ويرتاح إلى القانون، ويجعلك كأنك تمشي على الماء إذا ما أفرد مساحة للكمان، ويمس شغاف قلبك إن استدعت ألحانه الناي، هذا الملحن من الوزن الثقيل، اضطر أن يُدخل البيانو وأن يستعمل الأورج الكهربائي دفاعاً عن إنجازاته وخطه التلحيني. لم يأت عبدالوهاب بألحان جديدة لأم كلثوم فقط، وإنما اجتذب أيضاً جمهوراً مختلفاً لها. اجتذب للمغنية التي كانت أوج نضجها وعلى وشك الدخول لخريف أيامها أيضاً، مستمعيه الخاصين وأضاف لهم أجيالاً جديدة أبدت استعداداً لسماع أم كلثوم بعد أن قبلت الأخيرة بآلات مختلفة وألحان طازجة وموسيقى لم تتضمنها أغانيها السابقة. وبعد المسرح الذي كان بالكاد يتسع لبضع مئات، أخذت ألحان عبدالوهاب أم كلثوم لمسرح يتسع لما يزيد على الألف. كان على السنباطي أن يتحاور وهؤلاء، وأن يستجيب للتحدي الجديد. حقق نجاحات ضمن شروطه في كثير من الأحيان، ولكن يبدو أنه اضطر إلى التجريب في أحيان أخرى، تحت ضغوط فنية لم يشهدها بيته، ومكان إبداعه من قبل. ؟ ؟ ؟ أنشدت أم كلثوم الأطلال في 14 حفلة في مصر بقي منها 14 تسجيلاً 5 منها رديئة الحفظ حسب الصايع.
 وغنتها كوكب الشرق لأول مرة في سينما قصر النيل في 7 أبريل/ نيسان 1966 لمدة أربع وثمانين دقيقة. 
وأدت من بين تلك الحفلات اثنتين تبرعاً منها للمجهود الحربي بعد هزيمة حزيران1967 في الحرب مع إسرائيل. وأضافت لها أداءين تاريخيين في مسرح الأولمبيا بباريس في نوفمبر .1967 وأدتها أيضاً مرتين في المغرب في مارس/ آذار 1968 ومرة واحدة في الكويت. وأدتها في حفلة شهيرة في تونس وأخرى في بعلبك بلبنان. كما أدتها في السودان في ديسمبر/ كانون الأول ,1968 وبنغازي بليبيا في مارس ,1969 وكان آخر أداء لها في مسرح أبوالهول بالهرم في 18 يونية ,1969 وبعد أن أخذت أم كلثوم في تقصير حفلاتها لتشتمل على أغنيتين بدل الثلاث، فكانت مدتها في أدائها الأخير 52 دقيقة. أما أطول أداء لها فقد كان في مسرح محمد الخامس في المغرب عام ,1968 حيث دام 92 دقيقة. وماذا بعد؟ ها قد مرت أربعون من السنين على ما قام به السنباطي، وأنا أدوّن رأيي بعد سماعي لها على مدى تلك السنين. على أن ثقتي بالسنباطي لا تحد، وكم أود لو تسنى لي أن انتظر وحتى لو تطلب الأمر أربعة عقود أخرى، فلربما غيّرت انطباعي عن الأغنية. واستعدادي مطلق لإعادة النظر وأنا منفتح على أعماله دوماً للتفكر فيها وتقويمها. المسألة الأساس في تلك الأغنية أنها ثرية بألحانها، إلى حد الإنهاك. ؟ ؟ ؟ وعودة إلى لحفل لا فونتين الأخير في المنامة الذي شدت فيه المغنية اليهودية الأبوين المغربية الأصل سافو بأغنية الأطلال، أمام حضور زاد على المائة والخمسين. وكان مفتاح أدائها للأغنية مسألتين: فكان أول ما تلفظت به هو قولها إنها، أي الأغنية، أغنية صعبة. وثاني المفاتيح أن تخوفها مما إذا كانت قد لاقت نجاحا، قد أخذ بها إلى التوقف بعد أدائها: ‘’أين من عيني حبيب ساهر’’ لتسأل الجمهور إن كان يعتقد أن تواصل أم لا، وحين أشار الجمهور بالإيجاب واصلت. ويؤكد كلا الأمرين طبيعة الأغنية الصعبة. استمع لها الحضور بأدب في البداية، ولكنها تمكنت من انتزاع إعجابه في النهاية، بشكل فاق تجاوبه حتى مع أدائها بالفرنسية والإسبانية. وكانت قد قسمت الحفل قسمين: الأول خصصته لأغان أوروبية، والثاني، واستجابة لاقتراح السفيرة الفرنسية مليكة في المنامة خصصته لأم كلثوم. وكان جل المستمعين لها من العرب أو من الأجانب. حين تحدثتُ معها خلف الكواليس، بدأت بالتأكيد بأنها لا تحاول أن تغني كأم كلثوم وإنما تحاول أن تغني أغانيها فقط، لتجعل الجمهور يستثار بما يُقدّم ويسأل عما يسمع. ويقطع مثل هذا القول أية محاولة لمحاكمة ما قدمته مقارنة مع الأصل، فهو وإن حاول أن يستفيد من الأداء الكلثومي، لكنه لا يدعي محاولة الوصول إليه. ولذلك تبدو أية رغبة في التقويم النقدي ليست ضرورية وغير ذات جدوى. وعلى هامش حفلة البحرين، فهي تقول إنها قد غنّت في غزة ورام الله والقدس وتل أبيب، وكانت تصر على أداء أغان مصرية، وتؤكد على كلمة مصرية، في تل أبيب، بينما تغني أغانيها الخاصة في غزة. وقالت إن لافونتين مكان جميل للأداء، ولكن كان من الصعوبة بمكان انتزاع حماس الجمهور وجعله قريباً من روح الغناء المؤدى. وقالت إن السنباطي هو الملحن الأعظم، وهو شرقي بلا منازع والأقرب إلى قلبها. وهو يؤلف بكلاسيكية، وألحانه نقية. وقالت إن لحنه لـ ‘’الأطلال’’ يبدأ بهدوء مثل طائر يحلق، ويأخذ في الارتفاع بقوة، ليصل القمة في نهاية الأغنية ثم يهدئ من السرعة للوصول إلى النهاية. ومرة أخرى يضيف الحضور الكلثومي في البحرين لنفسه رصيداً ومكانة، وهو يجذب أعداداً وفئات جديدة. وهكذا استمعت البحرين إلى ‘’الأطلال’’ ولم تكن قد نست بعد سماعها لـ ‘’سلو قلبي غداة سلا’’ قبل أسابيع. وكلنا أذان! 
عن قصيدة الاطلال و ملحنها الموسيقار العملاق الراحل رياض السنباطي كتب الاستاذ : احمد العبيدلي في جريدة الوقت البحرينيه ( يوميه .سياسيه . مستقله ) العدد 474 الصادر بتاريخ 9 - 6 - 2007 التالي : -
على هامش أداء سافو في لافونتين
 

ام كلثوم افضل من اسمهان ولاالعكس






نجد أنفسنا من البداية، أمام مقارنة صعبة إن لم تكن مستحيلة.....لماذا؟؟؟؟
.
أولا نحن نقارن ماذا بماذا؟ الخامة الصوتية، الأداء، التمكن من المقامات و آدائها، الأداء اللغوي و مخارج الحروف. أو جميع ذلك معا.....هل لمستم الصعوبة ؟؟؟؟
.
في رأي أن السؤال (وليس الجواب) كان أيسر شيئا ما إذا قدّر لأسمهان أن تعيش و يكون لها مشوار مماثل لمشوار أم كلثوم....
.
لقد سمعت أحد الأخصائيين يصنف صوت أم كلثوم الأقوى على الإطلاق حيث أنه قادر على إنتاج 20.000 ذبذبة إرتدادية في الثانية .Vibration/Sec مقابل ما يعادل ال 5.000 لمتوسط المطربين المعروفين!!!
.
و في المقابل سمعت المايسترو الكبير سليم سحاب يقول أن أخصائيين روس في الموسيقى صنّفوا صوت أسمهان الأحسن على نطاق العالم بما فيهم مغنيي الأوبرا. و ذلك حسب مواصفات عديدة علمية و موسيقية !!!
.
و يمكننا أن نحسم الأمر بالجنوح لما يراه أستاذنا القدير مختار حيدر بأن صوت محمد عبد الوهاب أفضلهم على الإطلاق....ولن نكون بعيدين عن الحقيقة بكثير.
.
فأين تكمن الحقيقة ؟؟؟؟؟
.
الثابت أنه لدينا أصوات من أجمل ما خلق الله. و نعتزّ بها و لا نستطيع الكلام عن تفضيل الواحد عن الآخر كما ليس بالإمكان تفضيل الشمس عن القمر أو الهواء عن الماء أو.....
 وهناك من يرى
لو استمرت اسمهان في الغناء واعطاها الله عمرا طويلاً
لأصبحت مطربة عادية جدا
والدليل استمعوا لأخر ماغنت في فيلم غرام وانتقام

كان واضح ان صوتها قد فقد الكثير من امكانياته
((قارنوا بينه وبين اغاني فيلم انتصار الشباب وغيرها))
اعتقد ان اسمهان ضيعت صوتها في السهر و.....ومغامراتها

صوتها في اغاني فيلم غرام وانتقام واضح انه في مرحلة التراجع
صوت اسمهان قد مر بالعديد من المراحل

في بداياتها وهي تغني في الصالات لم يكن صوتها يبشر بمولد اسطورة كانت عندما تغني يبدأن الفتيات الاّتي معها بالضحك على صوتها الضعيف
ولكن مع التدريب لمع صوتها كالماس وفاجأ الجميع ولفت لها الانظار وما ان لمعت حتى تزوجت واعتزلت ثم رجعت وغنت واطربت وبدأت في مغامراتها الكثيرة وبعد ان انهت مشاكلها حاولت ان تضع كل عقلها لفنِّها وبدأت نشاطها ولكن الأجل لم يمهلها
المهم هذا ليس كلامي
ولكن هذا كلام الناقد الموسيقي القدير كمال النجمي في مقالة له من مقالاته الكثيرة
واسمهان كانت دائما تقول انها تتعلم من ام كلثوم ولم تفكر ابدا في منافستها
 
  وهناك من يرى 

لا مجال للمقارنة لان الصوتان مختلفان تماما من حيث المساحة والقدرات فواحدة متمكنة من المقامات الغربية وتقنية الغناء الاوبيرالي مع التمكن الشديد من السوبرانو طبعا اتحدث عن اسمهان والاخرى ام كلثوم متشبعة بالمقامات الشرقية منذ الصغر وتنتقل بينهما بكل سلاسة مع كبر مساحة الصوت وكلاهما له نكهة خاصة ولا نقدر ان نقول ايهما الاحسن لانهم ليسوا من نفس نوعية الصوت...
 

الشاعر محمود بيرم التونسى

كتب ماهر حسن ٥/ ١/ ٢٠١٠المصري اليوم
«قال: إيه مراد ابن آدم؟.. قلت له: طقه.. قال: إيه يكفى منامه؟.. قلت له: شقّه.. قال: إيه يعجّل بموته؟ .. قلت له: زقه.. قال: حـد فيها مخلّد؟.. قلت له: لأه «هذه إحدى قصائده ومن قصائده الأخرى «حاتجن ياريت ياخوانا.. مارحتش لندن ولا باريز.. دى بلاد تمدين.. ونضافه وزوق ولطافه وحاجه تغيظ».
هذا هو بيرم التونسى الذى غنت له أم كلثوم مجموعة من روائعها الغنائية ومنها أهل الهوى والآهات والحب كده وانا فى انتظارك وحلم وحبيبى يسعد أوقاته والأمل والأولة فى الغرام وهو صحيح وغيرها كثير فضلا عن مجموعة من الأوبريتات الغنائية بين الإذاعة والسينما والمسرح. وبيرم مولود فى الإسكندرية فى ٣ مارس ١٨٩٣ واكتسب لقبه من جده،لأبيه الذى كان تونسياً.
ولد بيرم وعاش طفولة بائسة فى حى «السيالة» بالأنفوشى والتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله فكرهه بسبب قسوة الشيخ، فأرسله والده إلى المعهد الدينى فى مسجد أبو العباس فلما مات والده وهو فى الرابعة انقطع عن المعهد وعاد إلى دكان أبيه وخرج من التجارة مفلسا، بدأت شهرته عندما كتب قصيدته «المجلس البلدى» الذى أثقل كاهل الناس بالضرائب فبدأت شهرته وانفتحت أمامه أبواب الفن ثم أصدر مجلة المسلة وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلة.
نفى إلى تونس بسبب أشعاره الساخرة من بعض أفراد الأسرة المالكة ومن تونس سافر إلى فرنسا وعمل حمّالاً فى ميناء (مرسيليا) لمدة سنتين ثم زور جواز سفر ليعود به إلى مصر وفيها عاود الهجوم على السلطة بقصائده اللاذعة وألقى القبض عليه ونفى إلى فرنسا وهناك عمل فى شركة للصناعات الكيماوية ولكنه يُفصل من عمله ويواجه الجوع والتشرد،
وفى عام ١٩٣٢ يتم ترحيله إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب وقررت إبعاده عن سوريا إلى إحدى الدول الأفريقية وحينما كان يستقل الباخرة التى مرت على «بورسعيد» ساعده أحد الركاب فى النزول منها إلى مدينة بورسعيد ويقدم التماساً إلى القصر فيتم العفو عنه، ومع استقراره بشكل نهائى فى مصر فى عهد الملك فاروق عمل بيرم فى «أخبار اليوم» ثم المصرى ثم لاحقا الجمهورية وكان قد حصل على الجنسية المصرية وفى ١٩٦٠منحه الرئيس عبدالناصر جائزة الدولة التقديرية إلى أن توفى فى مثل هذا اليوم ٥ يناير ١٩٦١.