Powered By Blogger

الخميس، 7 فبراير 2013

الصوت الخالد ... ام كلثوم

كتبت صحيفة الأورو الفرنسية أنها مثلت للعرب ما مثلته اديث بياف للفرنسيين إلا أن عدد معجبيها أضعاف عدد معجبي اديث بياف. كتب بيجل كاربيير في صحفية الفيجارو أنه برغم أن الأوروبيين لم يفهموا الكلمات إلا أنها وصلت إلى روحهم مباشرة. صحيفة التايمز تكتب أنها من رموز الوجدان العربي الخالدة. صحيفة زيت دويتش سايتونج الألمانية كتبت أن مشاعر العرب اهتزت من المحيط إلى الخليج. الصحف العربية رددت النبأ في الصفحات الأولى بينما سيطر الوجوم على العرب, كانوا يعرفون أنهم فقدوا آخر رابط حقيقي بينهم, لقد فقدت مصر هرمها الرابع, وفقد العالم العربي كوكبه المشرق لقد ماتت أم كلثوم ..!!
ربما تكون سمعت صوتا يوما فاعجبتك نبراته وذبت طربا لتغريده . ولكن في تاريخ العرب كله لم يعرف ابن العروبة صوتا لا في قوة ولا جمال ولا شعبية  السيدة ام كلثوم


لقد كتب كثيراً عن كوكب الشرق وحياتها وفنها إلا ان تحليل صوتها تحليلاً موسيقياً لم يلتفت إليه كثيراً من أصحاب الأقلام ، ومن الأقلام النادرة التي دفعت بنفسها في مجال التحليل الموسيقي لأصوات المطربين، الفنان "سليم سحاب" الذي أنتهي به المطاف الي تحديد ست عناصر جعلت  ام كلثوم هي تلك الاسطورة الغنائية في القرن العشرين و خالدت صوتها  الي يومنا هذا بعد مرور اكثر من 115 عاما علي ميلادها و38 عاما علي رحيلها ..!.
امتازت ام كلثوم في عالم الموسيقي بست عناصر قوة لم تتوافر في غيرها من المطربين أو المطربات  سواء داخل العالم العربي او في خارجه :- 

1- المساحة , اذ يغطي صوتها ديوانين من وسط موقع صوت (( الباريتون )) وهو الصوت الرجالي المتوسط في تصنيفات الأصوات الغربية . وهذا نادر للغاية في أصوات المغنيات في العالم . فكان غنائها يمتاز بهذه الصفة الفيزيائية في الصوت

2- التملك من الصوت , فهي تستطيع ان تؤدي بسهولة جملا غنائية صعبة للغاية , بزخرف صوت يصل الى حد الأعجاز . ويذكر ان في اغنية يا ظالمني تطويرها لأداء كلمة : ( عشان ) في جملة عشان تعطف علي يوم ,ونذكر جملة أخرى أصعب , من اغنية (غلبت اصالح في روحي ) عند قولها (ضنين) في جملة "وقلبك انت علي ضنين"  اذ ان الوصف الوحيد لزخرفها الغنائي هو انه ليس من طينة الصوت البشري
  3- قوة الصوت , فالغناء المعتمد على الحجاب الحاجز في اسفل الرئتين ,يجعل ضغط الهواء في الحنجرة مساويا مرتين ونصف مرة للضغط الجوي أما غنائها فكان يعتمد على الضغط المباشر على الحنجرة , ولذا كان الضغط على حنجرتها هائلا . وكانت تبتعد عن الميكروفون اكثر من متر في حفلاتها , فاذا ارتفعت نبرة الغناء ابتعدت مزيدا . وانقرضت فصيلة هذا الصوت في عصر الميكروفون

4- القوة البدنية , ذلك ان اطول حصة غنائية في اطول الأوبرات الأوروبية لمغن بمفرده ,لا تزيد على اربعين دقيقة . ام كلثوم كانت تغني اربع ساعات وحدها , في سهرات تستمر في المعتاد , مع الاستراحة واللوازم الموسيقية ست ساعات تقريبا
5- طول العمر , فأم كلثوم غنت مذ كانت في الثالثة عشرة حتى السابعة والسبعين , أي ستين سنة كاملة . وليس في تاريخ الغناء في العالم ظاهرة مماثلة او مقاربة .ولم يعرف مغنون اوروبيون غنوا اكثر من اربعين سنة
  6- دقة الصوت , اذ أجريت سنة 1975تجارب الكترونية لقياس نسبة النشاز ( اذ صح القول ) في الاصوات المصرية المعروفة . ويذكر ان الطنين الكامل بين مقام دو ومقام ري يتخذ معيارا في القياس , اذ ان تسع الطنين هو الفارق الذي تستطيع الأذن العادية ان تميزه . وأظهرت الآلات الالكترونية ان دقة صوت ام كلثوم بلغت واحدا على الألف من الطنين ولا يقال في صوت كهذا الا ان دقته مذهلة.هذه بعض العناصر المهمة في اعظم صوت بل المعجزة الذي لا يوجد له منافس مع احترامي لعشاق عبد الوهاب وأنا منهم وعشاق أسمهان وأنا منهم .وأهم صفة تميزه به هذا الصوت هو آدائها الأعجازي حين يدخل اللحن لحنجرتها , ومجرد ان يدخل اللحن لحنجرتها يتكلثم فيبدوا اللحن اعجازي وصعب التقليد

وطبعا هذا بخلاف الشعبية الكبيرة التي حظيت بها كوكب الشرق ام كلثوم فقد اختلف العرب علي كل شيء واجتمعوا علي شيء واحد هو صوتها . فام كلثوم عندما كانت تغني في حفلتها الشهرية في ليلة الخميس الاول من كل شهر كانت الحياة العربية كلها تتوقف من المحيط الي الخليج الكل في انتظار شيئا واحد هو صوت "الست" ويعتبر كل عنصر سابق هو كفيل في خلق كيان غنائي متميز فما بالنا إذا تجمعت كل تلك العناصر في حنجرة واحدة ...!!

*مراجع يمكن أستشارتها : كتاب السبعة الكبار في الموسيقي المعاصرة للمؤلف فكتور سحاب ، دار العلم للملايين 
* نشرت هذا المقال في "جريدة صوت النشء" بمكتبة الأسكندرية في العدد الرابع والعشرين بتاريخ 6/6/2010 بقلم كريم جمال 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق